يعرض الآن

Get Back Your Fight-Sarah Reeves
ﺍﺳﺘﻤﻊ ﻟﻠﺒﺚ ﺍﻟﻤﺒﺎﺷﺮ

عندما يلتقي اللاهوت بريادة الأعمال: مقابلة مع عضو هيئة التدريس الجديد دانيال بنورة

كإضافة جديدة لأعضاء هيئة التدريس في كلية بيت لحم للكتاب المقدس،

Read in English

 دانيال بنورة هو واحد من مطوري برنامج دراسات الكتاب المقدس عبر الانترنت. خلفيته في العلوم والفلسفة واللاهوت جاءت الآن معا بطريقة لتوفر منصة فريدة من نوعها، ليس فقط ليخدم مجتمعه المحلي هنا في فلسطين، ولكن على المستوى الإقليمي وحتى على المستوى العالمي أيضا. وباعتباره "رجل الأعمال الباحث" حسب تصنيف المحيطين به، فإن اهتمامات دانيال في القراءة والكتابة والبحث، إلى جانب المشاريع الاجتماعية، تمكنت من إيجاد وسيلة للتأثير على المجتمع بطرق عملية من خلال قيامه بالعديد من المبادرات.

كيرين كاندل(ك.ك):هل تستطيع أن تخبر قراءنا قليلا عن رحلتك في كل من الأوساط الأكاديمية والشخصية التي قد قادتك إلى العمل هنا في كلية بيت لحم للكتاب المقدس؟

دانيال بنورة(د.ب): لطالما كنت مهتما في العلوم، ما دفعني للحصول على شهادة البكالوريوس في العلوم والفيزياء من جامعة ولاية فلوريدا. منذ كنت صغيرا، كانت لدي الرغبة في فهم لماذا وكيف تسير الأمور بالطريقة التي تسير بها، ولقد استلهمت كثيرا من بعض الفيزيائيين مثل اسحق نيوتن وغاليليو، وغيرهم من الذين عبروا عن الكثير من العاطفة في رغبتهم في فهم الكون. بالنسبة لي، فإن فهم هذه الأمور ومعرفة العلم الذي يسير به الكون، هو محاولة للتوصل إلى فهم أفضل لعقل الله، وكيف يعمل في الخلق. بالتبعية، يصبح هذا عبادة لدى المؤمن، بينما نحصل على فهم أفضل وأقرب لله، ونصيغ علاقة شخصية وحميمة معه.

بمتابعة نفس ذلك الاهتمام بالعلوم، وجدت نفسي فجأة انجذب نحو اللاهوت. في كثير من الأحيان، يمكن أن يُنظر إلى هذه التخصصات، العلوم واللاهوت، كأعداء تجاه بعضهم البعض. ولكن، بدلا من ذلك، فقد رأيتهم يعملون معا في اكتشاف الحقيقة، من خلال العمليات الفيزيائية والتجريبية من جهة، ومن خلال التحليل الميتافيزيقي والأخلاقي والروحي من جهة أخرى. لقد قادني هذا نحو دراسة اللاهوت في كلية لندن للاهوت، حيث كتبت أطروحتي عن الثيوديسيا، وتحديدا باستخدام العلوم من أجل فهم أفضل وشرح للشر والمعاناة في العالم.

وبينما كنت أدرس مشكلة الشر والخطية الأصلية في النصوص وأعمال كليمان من الإسكندرية وإيريناوس، بدأت أرى أهمية الفلسفة وتأثيرها على تطور الفكر المسيحي. هذا جعلني أسعى للحصول على درجة الماجستير الثانية في فلسفة العصور الوسطى من جامعة شيكاغو، مع تركيز اهتمامي على الدراسات الإسلامية.

لقد سلّطت قراءتي لأعمال الفلاسفة المسيحيين في القرون الوسطى الضوء من جديد على حيوية وطبيعة المسيحية القوية، ليعطي حياة لكثير مما يراه المرء اليوم كعقيدة ثابتة وغير فكريةإن مسيحيو فلسطين وسوريا كانوا من حافظوا على النصوص الفلسفية القديمة، وعندما أصبحت اللغة العربيةاللغة المشتركة في المنطقة في القرنين 9 و10، قام هؤلاء الرجال بترجمتها من اليونانية والسريانية إلى العربية، ليلتقطها الفلاسفة المسلمين في نهاية المطاف.

هذا أمر مهم بشكل خاص بالنسبة لي كمسيحي فلسطيني، لرؤية التطوير والمحافظة والمساهمة في الفلسفة من قبل المسيحيين في المنطقة، كما كانت حين نقلوها إلى المسلمين الذين نقلوها بدورهم إلى الأوروبيين. يدل هذا على أنه بدلا من كون المسيحية دينا يصنف على أنه راكد ومغلق على الأفكار، هو دين مقنع يعتمد على هذه الأفكار الفلسفية التي تكشف عن حيوية المسيحية.

علاوة على ذلك، فإنه يؤكد بأنه كجزء من أقلية دينية صغيرة، غالبا ما يُنظر إليها ويتم وصفها بالضعف، فإننا قد لعبنا دورا كبيرا في الثقافة والمجتمع وحتى في تشكيل المسيحية، وهذا يعد شيئا ضخما بالنسبة لنا. هذا هو نفس الشعور الذي احمله معي في مساعيّ هنا في الكلية. آمل أن أستمر على نهجي في توظيف هذه الأفكار الفلسفية واللاهوتية من أجل تعزيز المجتمع الذي نعيش فيه.

ك.ك:أنت قدمت مؤخرا ورقة بعنوان "القومية العربية بين الفلسطينيين المسيحيين خلال الانتداب الفلسطيني المبكر (1920-1930)" في جامعة ليدن في أمستردام، وحتى الآونة الأخيرة، تم قبول ورقتك عن تعليق ابن الطيب على سفر التكوين الأول في المؤتمر العاشر للدراسات العربية المسيحية في روما. ما الذي تأمل من تحقيقه في عملك؟

د.ب: إن كتاباتي تتمحور حول العديد من التخصصات بما في ذلك الدين الإسلامي والعلاقات بين المسلمين والمسيحيين وفلسفة العصور الوسطى المسيحية. كما قلت من قبل، إن الدافع خلف العمل الأكاديمي هو اكتشاف الحقيقة. فهو مهم لأننا نريد أن نعرف كيف ولماذا حدثت الأمور. في الأعمال التي ذكرتها، أنا آمل أن أعكس بأن المسيحية هي أكثر إلحاحا وروعة مما نراه اليوم. هناك أهمية في فهم أن المسيحية وهذه الأفكار ليست شيئا أجنبيا، وإنما نشأت في هذه الأرض. إن أملي هو أن يبدأ المسيحيون هنا في استعادة وإعادة امتلاك ما جاء من تاريخنا. بالإضافة إلى ذلك، فإني آمل بأن يكون عملي تشجيعا لهؤلاء الذين يطرحون أسئلة صعبة عن طريق تقديم بعض الإجابات، وكذلك توفير منصة لإجراء محادثات مفتوحة حول هذه الأنواع من المواضيع.

ك.ك:ما هي بعض الأمور التي تثير شغفك بالحياة، وكيف تلعب هذه دورافي مجتمعك؟

د.ب: بحكم طبيعتي، فأنا شخص فضولي جدا، مما يفسح المجال لكونها صفة مفيدة في مختلف المبادرات التي كنت قد بدأتها خلال السنوات القليلة الماضية منذ عودتي من الولايات المتحدة. أنا أشعر كما لو أن لدي مسؤولية كمسيحي فلسطيني، مع كل الفرص لقد قد أعطيت لي، للاستفادة من هذهالمواهبمن أجل فهم أفضل لكيفية محبة جيراني ومساعدة مجتمعي المحلي. وبشكل أكثر تحديدا، فإن شغفي لإشراك المجتمع من حولي جاء كرد فعل نحو النخبوية التي كنت أراها في الأوساط الأكاديمية في الغرب، إذ رأيت الأوساط الأكاديمية بأنها باطنية وذات امتيازات، ومزالة من وسط الفقراء والمهمشين. لم أرى بأن هذا يتوافق مع شخص يسوع وتعاليمه، لذلك عند عودتي إلى فلسطين، أصبح هذا حافزي نحو عدة مبادرات التي اكتسبت الآن جاذبية على مدى العامين الماضيين. لقد شعرت كما لو أنني استطيع، وعلى المستوى العملي، تنفيذ الأفكار التي اكتسبتها من دراستي على شكل مبادرات من شأنها أن تخدم المجتمع.

كان المسعى الأولي بالنسبة لي هو إنشاء "الفضاء الثالث" للتعلم. في الثقافة الفلسطينية، غالبا ما يُنظر إلى التعليم على أنه وسيلة لتحقيق غاية، وليس شيئا تشارك به من أجل ثراء التعلم والمعرفة ذاتها. كانت الفكرة بأن هذا الفضاء سيكون بمثابة مكان للتجمع، بل وأيضا سيوفر غرفة لمزيد من الدراسة من خلال إتاحة دروس اللغة، نوادي الكتاب، ومكتبة، والعديد من المبادرات الأخرى. انطلاقا من هذه الرغبة، بدأت مقهى تعليمي في ربيع عام 2014 يشمل منطقة للدراسة، ومكتبة، وغرفة للموسيقى، وحديقة. كل من هذه الوظائف تخدم غرضا في تقديم المساحة التي تشجع التعلم خارج إطار التعليم التقليدي في فلسطين.

علاوة على ذلك، ومن أجل أخذ أمور الخلق بأكثر جدية، تعاونت مع عدد صغير من السكان المحليين الآخرين الذين لديهم شغف للبيئة، وبدأناتدوير، وهي مبادرة لإعادة التدوير، حيث قمنا بجمع الزجاج من الشوارع وكذلك المؤسسات المحلية لإعادة توظيفها لتصبح مواد مثل أسطح الزجاج الجميلة وعمل حرفي ملون. أملنا هو أن المساعدة في تعزيز العقلية بأن الأماكن والحيز الذي نعيش فيه هي لنا من أجل إدارتها ورعايتها.

وأخيرا، أظهر العام الماضي وعدا لنا فيما يخص النادي المقبل للصحن الطائر، والذي يدعى فلسطين المطلقة. لقد ساعدت في تدريب الشباب من المجتمع ليس فقط أملا في المنافسة على المستويات العليا في المنطقة، ولكن أيضا من أجل تشجيع القيم الجيدة مع الشباب المحلي، مثل حل النزاعات وبناء الشخصية.

من خلال كل هذه، أنا آمل أن أرى التغيير في مجتمعي. أريد أن أكون مخلصا في خدمة من حولي مع المواهب والفرص التي وهبها لي الله.

ك.ك:ما هو دورك الحالي هنا في كلية بيت لحم للكتاب المقدس؟

د.ب: أنا أعمل جنبا إلى جنب مع طوني دعيق في تطوير وتسهيل برنامج دبلوم دراسات الكتاب المقدس عبر الانترنت. لقد تم تكليفي بكتابة المواد الدراسية في تاريخ الكنيسة، والعهد الجديد، والإسلام. وسوف أقوم بتدريس بعض هذه الدورات، والاستمرار في تطوير البرنامج، وكذلك التعليم ومواكبة طلابنا.

ك.ك:ما هو دورك في تسهيل برنامج دراسات الكتاب المقدس عبر الانترنت ؟

د.ب: إنها لنعمة كبيرة أن يحدث هذا وأن نكون جزءا منه، إذ قد فُتح الباب للكلية لتجاوز السياق الفلسطيني ليصبح مبادرة عالمية. لدينا الآن طلاب مقبولين في برنامجنا من هونغ كونغ إلى كندا ومن اليمن إلى ألمانيا. هذه فرصة رائعة للكنيسة! نحن على اتصال مع المؤمنين من خلفيات، واللاجئين، وقادة الكنائس والمبشّرين في جميع أنحاء العالم. لقد توسعت لجنة كلية بيت لحم للكتاب المقدس إلى ما هو أبعد مما كنا نتوقع.

هذا شيء مثير بالنسبة لنا، ولكنه أيضا يأتي مع مسؤولية كبيرة. كمطورين ومسهلين للبرنامج، طوني وأنا ممتنون من أجل هذه الفرصة المتاحة للخدمة بهذا المقدار، لخدمة أولئك الذين ليسو فقط هنا، ولكن حرفيا في جميع أنحاء العالم. نحن نشعر بالاستعجال والجدية في ما أعطاه الله لنا لكي نكون ممثليه على الأرض. نحن نأمل أن نكون مخلصين في أدوارنا وفي تحقيق المجد لله. نحن نلتقط لمحة من عالمية الله، وحبه لعالمه وكنيسته التي تنتشر على نطاق واسع.

ك.ك:ما هو التركيز الأساسي الذي تريد نقله إلى الطلاب في هذا البرنامج؟

د.ب: إنه برنامج دراسات لاهوتية، لذلك سواء كان الطالب لاجئا أو مغيّرا لدينه، مصلحتنا هي المساعدة في تمكين وتقوية الكنيسة في الحفر عميقا في الكتب المقدسة وتحويلها من قبلهم. نحن نأمل في إتباع نهج شامل للبرنامج من خلال التركيز على كيفية اكتساب المعرفة من الكتب، ثم بعد ذلك أخذ ما يتم تدريسه وتحويله إلى المهارات التي يمكنهم تطبيقها بسهولة في حياتهم وخدمتهم. علاوة على ذلك، وكامتداد لهذه الأفكار، وهما باعتبار الرأس واليد، نأمل أن نقترب إلى قلب الله بينما ننمّي علاقة حميمة معه.

ك.ك:كيف ترى تأثير برنامج الدراسات اللاهوتية عبر الإنترنت على المنطقة؟

د.ب: نأمل أن يوفر البرنامج للاجئين وأولئك داخل المجتمعات الإسلامية في الغالب اللازم ليكونوا قادرين على دراسة الكتاب المقدس في السياق الخاص بهم، عن طريق النقر على زر. نحن حقا نقوم بالتوسع والوصول إلى أماكن لم نظن يوما أننا سوف نصلها. رغبتنا هي أن نرى كنيسة مزدهرة في الشرق الأوسط. نريد للكنيسة العربية أن تكون مستفيدة ومزدهرة وقادرة على تلبية احتياجات وتحديات مجتمع اليوم. أنا محظوظ لكوني جزءا من هذا العمل الجاري.

الاكثر من اخبار الحياة

ﻗﺎﺋﻤﺔ ﺍﻟﻤﺮﺍﺳﻼﺕ

اتصل بنا

  • بريد الكتروني studio@radiohayah.ps
  • هاتف (970) 022777019